
خطوات حصول دربك على علامة الجودة السعودية: ماذا يعني ذلك لصناعة الإطارات؟
مجد الدين صفايا
June 28, 2025
Read time
دقائق للقراءة
قد يرى البعض أن الحصول على علامة الجودة السعودية مجرّد إجراء إداري أو ملصق على أحد جوانب المنتج، لكن في الحقيقة هو تتويج لسلسلة طويلة من الإجراءات الصارمة، والتحوّل الحقيقي في بنية الإنتاج، وعلامة فارقة لا تعني فقط اعترافاً بالجودة… بل التزاماً مستمراً بها.
وهذا بالضبط ما فعلته شركة دربك، التي لم تكتفِ بمجاراة السوق المحلي، بل أرادت أن تُحدث فرقاً حقيقياً في صناعة الإطارات، ليكون حصولها على هذه العلامة دعوة صارخة لكل الشركات الناشئة للمضي بذات النهج، بهدف أن تتحول صناعة الإطارات بشكل خاص والصناعات الثقيلة بشكل عام من ظاهرة استثنائية لنهج وخطة تقود المنطقة العربية لمصافي الدول العظيمة.
لذلك... كيف حصلت دربك على علامة الجودة السعودية؟ وماذا يعني ذلك لمستقبل هذه الصناعة؟
ما هي علامة الجودة السعودية؟
علامة الجودة السعودية هي شهادة تمنحها الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة (SASO) للمنتجات التي تلتزم بأعلى معايير الجودة والسلامة، ولا تُمنح هذه العلامة بسهولة، بل تمر عبر سلسلة من التقييمات تشمل:
- جودة المواد.
- كفاءة خطوط الإنتاج.
- نتائج الفحوصات المعملية.
- استمرارية المطابقة.
وهي ليست محصورة في الإطارات فقط، بل تشمل آلاف المنتجات في السوق السعودي، ولكن في مجال الإطارات تحديداً، تُعد العلامة أداة حاسمة للتفريق بين منتج يلتزم بالسلامة، وآخر قد يشكل خطراً على الطريق.
لماذا سعت دربك للحصول على هذه العلامة؟
منذ اللحظة الأولى، لم تكن رؤية دربك مجرد بيع إطار، بل تأسيس علامة سعودية تُضاهي العالمية، وتعتبر علامة الجودة السعودية الخطوة الأولى والأهم في سبيل تحقيق هذه الرؤية، وذلك لعدد من الأسباب:
- لأن الحصول على العلامة يعني دخول السوق بثقة رسمية.
- لأنها تفتح الباب للمنافسة مع الشركات العالمية بشروط متكافئة.
- والأهم: لأن السلامة ليست خياراً، بل مسؤولية بالنسبة لنا.
وبحسب تقرير نشرته الهيئة العامة للمنافسة في السعودية عام 2021، فإن 72% من المستهلكين المحليين يفضلون المنتجات التي تحمل علامة الجودة السعودية على غيرها، حتى وإن كانت بسعر أعلى.
خطوات الحصول على علامة الجودة السعودية:
وفقاً لتقرير صادر عن المنظمة الدولية للتوحيد القياسي (ISO) عام 2021، فإن المنتجات الحاصلة على شهادات جودة معترف بها دولياً شهدت زيادة في ثقة المستهلكين بنسبة تصل إلى 54%، وتحسّناً في أداء سلاسل التوريد بنسبة 37%.
الحصول على هذه العلامة ليس مجرد إنجاز رمزي، بل هو اجتياز لسلسلة طويلة من المراحل الصارمة التي وضعتها هيئة المواصفات والمقاييس والجودة، هذه المراحل تُظهر التزاماً حقيقياً من الشركة بالجودة من مرحلة التخطيط والتصميم، وصولاً إلى التصنيع، والاختبار، والتسويق.
في حالة دربك، لم يكن الهدف فقط نيل الشهادة، بل إثبات أن إطاراً محلياً يمكنه أن يُنافس المنتجات العالمية على أرض الواقع، وبمعايير مدققة لا تحتمل المجاملة، وهذا ما تحقق عبر المرور بجميع الخطوات الفنية، بإشراف مباشر من جهات الاعتماد، وبإثبات الجودة على مدار الوقت، وليس لمرة واحدة فقط.

الخطوة الأولى: تقديم الوثائق الفنية:
- يشمل ذلك ملفات التصنيع، تفاصيل المواد، اختبارات المتانة، والكودات المستخدمة.
- يجب أن تتوافق كل هذه البيانات مع مواصفات SASO.
ما الذي نقصده بمصطلح "الكودات المستخدمة"؟
يُقصد بها المواصفات الفنية المعتمدة أو الأكواد القياسية (Standard Codes) التي تحدد المعايير الفنية المطلوب الالتزام بها في عملية تصنيع الإطارات، ومن هذه الأكواد:
- هناك كود يحدد الحد الأدنى لسماكة جدار الإطار.
- وهناك كود يحدد مستوى مقاومة الحرارة أو الضغط أو التآكل.
- وهناك كود خاص بطريقة الاختبار أو حدود الأداء المقبولة.
وغالباً ما تكون هذه الكودات مأخوذة من منظمات عالمية مثل ISO، أو من مواصفات الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس (SASO)، ويجب على الشركة بهذه المعايير بالكامل حتى تحصل على علامة الجودة.
الخطوة الثانية: فحص العينات واختبارها:
يتم إرسال عينات عشوائية من الإطارات إلى مختبرات معتمدة محلياً أو عالمياً، وتشمل الاختبارات:
- مقاومة التآكل.
- مقاومة الانفجار.
- التماسك في الظروف المختلفة.
الخطوة الثالثة: زيارة ميدانية للمصنع:
يزور فريق من الهيئة خطوط الإنتاج لفحص آلية التصنيع، وفي هذه الزيارات يتم تقييم:
- التحكم في الجودة.
- التدريب.
- الإجراءات الداخلية.
- الرقابة على المواد.
الخطوة الرابعة: اختبار الاستقرار والإنتاج المتكرر:
حتى بعد النجاح بجميع المراحل السابقة، لا تُمنح العلامة فوراً، بل يجب إثبات أن جودة المنتج مستقرة لفترة زمنية معينة، وأن عملية الإنتاج تتم بنفس الكفاءة على مدار الوقت.
الخطوة الخامسة: الاعتماد والمراقبة المستمرة:
بعد أن تمكنت شركة دربك من اجتياز جميع الخطوات السابقة، مُنحت علامة الجودة رسمياً، إلا أن الرحلة لم تتوقف، فعلامة الجودة هي مسار مستمر متجدد كمجرى النهر، حيث يتم فحص المنتجات بشكل دوري وعشوائي حتى بعد منح الشهادة، لضمان استمرار المطابقة.
إن هذه المراحل التي مرت بها شركة دربك للحصول على علامة الجودة، تعني أن كل إطار يحمل شعار دربك ووسم علامة الجودة، قد مرّ فعلياً برحلة صعبة وطويلة قبل أن يصل إلى مركبتك.
ماذا تعني هذه الخطوات في عالم صناعة الإطارات في السعودية؟
ببساطة... تعني أننا لم نعد نقبل بالجودة كمصطلح عام بل كمنهج تصنيع، حيث:
- قد أصبحت خطوط الإنتاج أكثر التزاماً بالمواصفات.
- ارتفعت معايير القبول في السوق المحلي.
- تغيرت نظرة المستهلك نحو المنتج المحلي، من الشك إلى الثقة.
وبحسب دراسة صادرة عن منظمة International Rubber Study Group عام 2022، فإن الأسواق التي تعتمد نُظمّاً وطنية صارمة في منح شهادات الجودة، شهدت انخفاضاً بنسبة 24% في نسبة الإطارات المقلّدة أو الرديئة خلال ثلاث سنوات.
كيف غيّرت دربك المفهوم التقليدي للإطار المحلي؟
قبل سنوات كان الإطار المحلي يُنظر إليه كخيار اقتصادي فقط، وغالباً ما يُقارن بنظرائه المستوردين من حيث السعر لا الجودة، لكن دربك قلبت هذه المعادلة:
- بإنتاج محلي بمواصفات دولية.
- وبربط الجودة بالابتكار، لا بالتكلفة فقط.
- وبالاستثمار في التكنولوجيا، لا في التخفيض فقط.
خلال اختبارات الجودة التي خضعت لها إطارات دربك في مرحلة الفحص المخبري، أظهرت النتائج أن معظم النماذج تجاوزت الحد الأدنى المطلوب في اختبار مقاومة الانفجار بنسبة كبيرة، ما يدل على قوة البنية الداخلية وجودة المواد المستخدمة في التصنيع.
دربك… خطوة نحو صناعة إقليمية رائدة
اليوم، لا تقتصر طموحات دربك على السوق المحلي، بل تنظر نحو الخليج والأسواق المجاورة، وعلامة الجودة السعودية أصبحت مفتاحاً لباب التصدير، لأن توثيق الجودة يعني تسهيل دخول أسواق مثل البحرين، الأردن، مصر، وحتى بعض دول إفريقيا.
وقد ذكر تقرير صادر عن مركز دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة (Monsha’at) أن المنتجات الحاصلة على علامة الجودة السعودية تحظى بنسبة قبول أعلى بنسبة 38% عند تقديمها في أسواق التصدير.
وفي الختام...
علامة الجودة ليست ورقة تُعلق على المنتج، بل مسؤولية تُحمل على كل إطار، والحصول عليها لم يكن نهاية القصة، بل بدايتها.
دربك اليوم لا تفتخر فقط بأنها أول من حصل على علامة الجودة… بل بأنها صنعت مساراً يمكن لباقي الشركات أن تسلكه، فالجودة لم تعد خيار… بل أصبحت هوية.
ودربك… صنعت من هذه الهوية إطار حقيقي على الطريق.