نصائح وحلول

المحرك يسخن؟ نصائح لتبريد الشاحنة أثناء السير

مجد الدين صفايا

October 1, 2025

Read time

 دقائق للقراءة

إن ارتفاع حرارة المحرّك في الشاحنات ليس أمر عابر، فحين ترى المؤشّر يقترب من الأحمر، فالمشكلة ليست في "حرارة جو" فقط، بل إنها إشارة إلى اختلال في توازن حمل المحرّك في قدرة نظام التبريد على التخلّص من الحرارة.

ونعي جيداً أن هذا التفسير وهذه المفاهيم قد تكون صعبة الفهم وقد زادت من التعقيد في مخيلتك، إلا أننا في هذه المقالة سنبسط الأفكار قدر الإمكان وسنقدم لك نصائح ذهبية ستحدث فرقاً عظيماً في طريقة تعاملك مع ارتفاع حراة المحرك، فالصدمة هنا أن نصف أعطال المحرّكات تقريباً ترتبط مباشرةً بمشكلات نظام التبريد وسوء صيانته، وذلك وفق تقديرات متداولة في قطاع الصيانة الثقيلة، لنجد أنفسنا الآن أمام سؤال غاية في الأهمية:

لماذا تظهر المشكلة أكثر في الشاحنات؟

لأن ظروف العمل قاسية: كالحمولة العالية، والمسافات الطويلة، وتسلّق المنحدرات، ودرجات حرارة البيئات المرتفعة، ومع موجات الحر، جميع هذه العوامل ترتفع الأعطال عموماً، إذ تؤكد منظمة "AAA" أن الحرارة الشديدة ترفع الطلب على خدمات الطوارئ، وتزيد مخاطر الأعطال المرتبطة بالنظام الحراري.

ببساطة شديدة... كيف يعمل نظام التبريد في الشاحنة:

لنفهم هذه الآلية يجب علينا تقسيمها لأجزاء:

العناصر الأساسية التي تدخل في عملية التبريد:

  • رادياتير.
  • مضخة ماء.
  • ثرموستات ينظّم "فتح/إغلاق" مسار السائل.
  • مروحة تُحسّن تدفّق الهواء.
  • خزان تمدّد.
  • أغطية ضغط تحافظ على ضغط معيّن يرفع نقطة غليان السائل.

الفكرة العامة:

سهلة وبسيطة: سائل يسير داخل المحرّك ويحمل الحرارة إلى الرادياتير، وفي الرادياتير يتم تبريده بالهواء، وما إن يبرد السائل يعود من جديد للمحرك.

لماذا سوائل الشاحنات تختلف؟

محركات الديزل الثقيلة ذات بطانات "مبتلّة" تحتاج لحماية ضد "نقر أو تجويف" البِطانة التي تعرف باسم (Liner Pitting)، لذا تُعدّ معايير مثلASTM D6210  مرجعية لسوائل الخدمة الشاقة.

توصي شركات مثل "Cummins" بمعاييرها الداخلية CES 14603  لأنواع تبريد معيّنة (NOAT/OAT) لحماية مكوّنات المحرّك، وبالتأكيد ستجد هذه المواصفات مفصّلة في نشرات الشركات وملفّات المنتجات المعتمدة.

ما هي الأسباب الأكثر شيوعاً والتي تجعل المحرك يسخن؟

  1. نقص سائل التبريد أو تسرّب:

عليك أن تعلم أن أدنى تسريب في (الخراطيم/ المشبك/ المبادل/ مضخة الماء) يقلّل التدفق ويخفض الضغط الفعّال، والنتيجة: غليان أسرع وارتفاع حرارة المحرك.

  1. عطل في الثرموستات:

يعتبر الثرموستات من أكثر أجزاء المركبة حساسية للحرارة فإذا علق مغلقاً، سيمنع الدوران الكامل للسائل، وبالتالي ستقفز الحرارة بسرعة رهيبة.

  1. مضخة ماء متعبة/متآكلة:

إن تآكل المروحة الداخلية أو تسريب فتحة التصريف (weep hole) يضعف الضخّ.

  1. تدفّق هواء ضعيف عبر الرادياتير:

هناك العديد من الأسباب التي تمنع أو تضعف تدفق الهواء عبر الرادياتير، ومن هذه الأسباب:

  • الزعانف متسخة.
  • أجسام بلاستيكية أمامية.
  • مروحة لا تعمل عند الوقوف أو عند السرعات المنخفضة.
  1. خلط سوائل غير متوافقة:

إن وضع سوائل غير متوافقة في المحرك يسبّب ترسّبات وكِلس، وهذان العاملان يقلّلان انتقال الحرارة، ويرفعان احتمالات التآكل، والمواصفات والأساليب القياسية (ASTM/TMC) تحذّر من ذلك.

  1. ظروف تشغيل قاسية:

وبالتأكيد هناك العديد من العوامل التشغيلية التي تؤدي لزيادة حرارة المحرك كحمولة المرتفعة، والطرق الجبلية، ودرجات الحرارة الخارجية العالية، كل هذه العوامل لها دور أساسي بزيادة احتمالات الغليان وارتفاع حرارة المحرك، وبالذات إن كانت المنظومة الداخلية للمركبة قديمة أو بحاجة للصيانة.

مؤشرات مبكّرة وعلامات حمراء تدل على الخطر:

  1. إن لاحظت أن مؤشّر الحرارة اقترب من الأحمر، أو أنار الضوء التحذيري في لوحة العدادات، أو ظهر بخار أبيض بشكل مفاجئ من غطاء المحرك، كل هذه المؤشرات تدل على أن السائل في السيارة قد وصل إلى نقطة الغليان، فعادة ما يكون متوسط حرارة تشغيل المحرّك بين ~195–220°F ، إلا أنها قد تختلف حسب طراز ونوعية السيارة.
  2. إن لاحظت أن المحرك يسخن عند الوقوف ويبرد أثناء السير، فغالباً هناك مشكلة إما في المروحة، أو في تدفّق الهواء، وربما يكون السبب انسداد الرادياتير، إذ يعتمد التبريد عند التوقّف على المروحة أكثر من سرعة الهواء الطبيعي، أما طريقة معرفة ارتفاع درجة حرارة المحرك عند الوقوف، إما من خلال مؤشر الحرارة الذي سيرتفع بشكل واضح، أو من خلال الضوء التحذيري الذي يظهر على لوحة عدادات السرعة.
بعض منصّات الصيانة لسائقي الشاحنات تشير بشكل تقريبي إلى أنّ نطاق 190–205°F طبيعي، وتشغيل المروحة الآلي قد يبدأ عندما تقترب درجة الحرارة من 212°F ، وذلك في محركات معيّنة، وهذا ليس معياراً عاماً، لكنه يعطي إحساساً بالسلوك المتوقع، ولكي تتأكد من صحة ذلك عليك أن تراجع كتيّب محرّكك دائماً.

ماذا تفعل أثناء السير إذا بدأت الحرارة بالارتفاع؟

بالتأكيد هناك عدد من الإجراءات المهمة والضرورية التي من الواجب اتباعها عند ارتفاع حرارة المحرك أثناء السير، لذلك إن ارتفعت حرارة السيارة أثناء السير عليك فعل ما يلي:

ماذا تفعل أثناء السير إذا بدأت الحرارة بالارتفاع
  1. خفّف السرعة فوراً:
  • ارفع قدمك عن دواسة الوقود وتجنّب التسارع المفاجئ.
  • انقل لغيار أعلى إن أمكن لتخفيض دورات المحرّك (RPM) عند نفس السرعة.
  1. أوقف المكيّف مؤقتاً:

بل ومن الأفضل أن تشغيل المدفأة على أقصى درجة لتفريغ بعض الحرارة من دارة التبريد إلى المقصورة، وقد يكون هذا التصرف غير مريح للسائق لكنه قد يكون وسيلة النجاة الأهم والأفضل، حيث يخفض درجة حرارة المحرك بشكل مؤقت لحين وصولك لمكان آمن.

إن إدارة الطرق السريعة الأمريكية تحذّر عموماً من إهمال الصيانة في موجات الحر وتوصي بإجراءات تقلل من جهد المحرك، كتخفيض الحمولة على سبيل المثال.
  1. راقب العداد ثم قرّر التوقّف:
  • إذا ظلّ المؤشّر يرتفع، أو ظهرت رائحة سائل تبريد أو بخار كثيف، قف فوراً في مكان آمن وأطفئ المحرّك.
  • لا تفتح غطاء الرادياتير ساخناً، وذلك لتجنب خطر اندفاع السائل المغلي المضغوط، لذلك انتظر حتى يبرد تماماً، وتذكر أن هذه التعليمات هي تعليمات أمان قياسية تشير لها أدلّة الشركات وجميع مواد السلامة.
  1. افحص بصرياً قبل العودة للطريق:

والمقصود بالفحص البصري ملاحظة أيٍ من الآثار التالي:

  • خراطيم مشقّقة، مشابك مرتخية، آثار سائل ملوّن.
  • خزان التمدّد: هل مستوى الخزان تحت مؤشر MIN.
  • زعانف الرادياتير: هل يوجد عليها أي أوساخ أو حشرات تسدّ جزءً واسعاً منها؟
  • مروحة التبريد: هل تعمل عند ارتفاع الحرارة/تشغيل المكيّف؟

وعليك أن تعلم أن هذه النقاط والنصائح هي الإجراءات الأولية التي تتخذها ورشات الصيانة ومحلات خدمات الصيانة السريعة والطارئة، فهذه النقاط هي تشخيص سريع لحالة المحرك وسبب ارتفاع درجة الحرارة فيه.

أخطاء خطيرة تجنّبها:

  • لا تضف ماءً بارداً مباشرةً إلى محرّك شديد السخونة، فالاختلاف الحراري قد يسبّب تشقّقات وتصدعات في المحرك.
  • لا تواصل القيادة ومؤشر الحرارة قد وصل للون الأحمر، فخطر تلف جوان رأس (Head Gasket) أو التواء رأس المحرّك وادر جداً عند هذه المرحلة الحرجة.
  • لا تخلط أنواع تبريد مختلفة (OAT/NOAT/HOAT) دون معرفة توافقها.

خطة وقاية ذكيّة لأساطيل الشاحنات:

  1. اتبع جدول صيانة مبسّط لنظام التبريد:
  • عند كل رحلة أو كل أسبوع:

عليك فحص: مستوى الخزان البارد، أن تلقي نظرة على الخراطيم والمشابك، وتتأكد من عدم وجود تسرّبات، بالإضافة لنظافة واجهة الرادياتير.

  • كل 3–6 أشهر:

عند هذه المدة عليك اختبار ضغط الغطاء، وفحص عمل المروحة والقابض، وتنظيف الرادياتير خارجياً بالهواء المضغوط (من الخلف للأمام).

  • كل سنة:

عليك ما يلي: تحليل سائل التبريد PH، المثبّطات، مجموع المواد الذائبة، التأكد من عدم وجود زيت أو وقود متسرب، وتقييم توافق السائل مع معيار ASTM D6210 وبالذات إن كان محركك  Heavy Dut، بالإضافة لمراجعة حالة مضخة الماء.

إن هذه النقاط تنسجم مع توصيات صيانة أساطيل الشاحنات، فنصف أعطال المحرّكات بسبب إهمال التبريد، لذلك الوقاية أرخص بكثير من الإصلاح
  1. اختيار سائل تبريد مناسب للشاحنات:
  • ابحث عن عبارة ASTM D6210 على ورقة بيانات المنتج (PDS) لسوائل الخدمة الشاقة (HD)، لأنّها تحدّد متطلبات التراكيب (إيثيلين/بروبيلين غلايكول + مثبّطات مثل النيتريت/المولبيدات)، وذلك لحماية بطانات الأسطوانات والمعادن المختلفة في المركبة.
  • إن شركات المحرّكات مثل Cummins تحدّد معيار CES 14603 لأنواع سوائل مُطوّلة العمر (OAT/NOAT)، والالتزام بهذه المواصفات يقلّل التآكل ونقر البِطانة.
  • سترى هذه المطابقات مذكورة أيضاً في نشرات منتجات شركات الزيوت والمبرّدات الكبرى مثل شركة ((Chevron Delo XLC.
  1. ضغط غطاء الرادياتير:

يعتبر ضغط غطاء الرادياتير رقم صغير ولكن تأثيره كبير، فرفع الضغط داخل النظام يرفع نقطة الغليان (تقريباً 2–3°F. لكل psi)، فعلى سبيل المثال: خليط 50/50 مع غطاء 15 psi قد يؤخّر الغليان إلى ≈250–268°F  بدلاً من ~223°F  دون ضغط، ويعتبر هذا الأمر هام جدّاً تحت الحمل والحرّ، ولكن لا ترفع ضغط الغطاء عشوائياً والتزم بقيمة الشركة المصنّعة.

  1. التليماتكس والإنذار المبكّر:

إن دمج حساسات مستوى الحرارة مع أنظمة التتبع يعطيك بيانات لحظية: فمثلاً تسرّب يتفاقم ببطء سيظهر كهبوط متكرّر في المستوى قبل أن يتحوّل لعطل على الطريق، وشركات الحلول اللوجستية توصي بهذا كأفضل ممارسة لتقليل الأعطال.

لماذا كل هذا مهم؟

إن قطاع الصيانة الثقيل يكرّر نفس الحقيقة: حيث أن 50%  من فشل المحرّكات مرتبط بمشاكل نظام التبريد أو صيانته، ومع موجات الحر ترتفع البلاغات والأعطال، وتقليلها يبدأ من:

سائل مطابق + ضغط غطاء صحيح + مروحة ورادياتير نظيفين + قيادة واعية بالأحمال والطقس.

أسئلة سريعة شائعة:

ما هي درجة الحرارة "الطبيعية" وما الحدّ الخطر؟

يختلف حسب المحرّك، وبصورة تقريبية قد ترى نطاق تشغيل حول 190–205°F في كثير من محركات الديزل على الطريق السريع، وتشغيل المروحة الآلي قرب ~212°F في طرازات معيّنة، ولكن من الأفضل أن تراجع دليل محركك دائماً لأن برمجة المروحة والثرموستات تختلف، وتجاوز ~225–230°F  لفترة مستمرة يعتبر إنذاراً لمعظم التطبيقات.

هل تشغيل المدفأة يساعد فعلًا؟

نعم، لأنه يضيف مشعّاً حرارياً إضافياً (مشع المقصورة)، فيسحب جزءاً من حرارة سائل التبريد ويُسهم في خفضها مؤقتاً حتى تصل لنقطة آمنة، مع الأخذ بالاعتبار راحتك وسلامتك.

ماء فقط أم 50/50؟ ومتى أحتاج مُضافات (SCA)؟

في الخدمة الشاقة، خليط 50/50 بمواصفة ASTM D6210 أو ما توصي به الشركة (OAT/NOAT) هو القاعدة، فالماء فقط يغلّي أسرع ويزيد التآكل، أما محركات البطانات "المبتلّة" تحتاج غالباً حزمة مُضافات (SCAs) مثل النيتريت أو المولبيدات للوقاية من نقر البطانة، وتذكر لا تُبالغ بالتركيز كي لا تؤذي المعادن الرقيقة، واتبع مواصفة المحرّك مثل (CES 14603).

وفي الختام...

تذكر دائماً أن التبريد هو عمر المحرّك، فالشاحنة التي تبرد جيّداً تعمل بهدوء وتستهلك وقوداً أقل وتدوم أطول، وحين تضبط الأساسيات، مثل وضع سائل مناسب معتمد، وضغط غطاء صحيح، ورادياتير نظيف، ومروحة سليمة، يضاف لكل ذلك قيادة ذكية، سترى أن الحرارة تحت السيطرة حتى في أصعب الأيام.

وتذكّر... أن إشارة التحذير ليست عدوّك، بل هي صديق يحمي استثمارك من خسارة كبيرة.

وتذكر أيضاً... وفي موجات الحر ضاعف من انتباهك قليلاً حتى توفّر على نفسك الكثير.